المجد العالمي

المجد العالمي



" لا تخشى إذا استغنى إنسان إذا زاد مجد بيته لأنه عند موته كله لا يأخذ، لا ينزل وراءه مجده "

(مزمور 49 : 16 ، 17).







كثيرون من بني البشر إذا لاحظتهم في تصرفاتهم ترى كل ما تنطوي عليه أفئدتهم وما ترغبه قلوبهم هو المجد العالمي فله وحده يكرسون حياتهم ويبذلون كل قوى نفوسهم ويعرضون ذواتهم للخطر في سبيل السعي وراءه وهم في كدهم هذا وجدهم يقولون لا نشتهي إلا مجد العالم وليست لنا أمنية سواه ومحبتنا له لا تسمح لنا بالتفكير في غيره.



ولكن وأسفاه والعالم إلى الباطل وهو زائل بزوالنا لأن هيئه هذا العالم تزول (1 كورنثوس 7 : 31) هوذا المرتل يقول يذخر ذخائر ولا يدري من يضمها (مزمور 39 : 6) ما هو الغنى الذي يعتد به الإنسان ولأجل الحصول عليه يرمي نفسه في مخاطر الموت ؟



وما هذه الوظائف والمراكز والسلطة التي تسلب عقول البشر وتستهوى أفئدتهم وما هذه الخيرات العالمية التي عندما نفوز بها في هذه الحياة سرعان ما تفارقنا؟ لأجل ذلك ينبهنا الكتاب المقدس لا يفتخرن الحكيم بحكمته ولا يفتخر الجبار بجبروته ولا يفتخر الغني بغناه (إرميا 9 : 23).

ومن أراد أن يفتخر فليفتخر بالرب (1 كورنثوس 1 : 31).



حقاً إنه عالم الخسارة بدون الرب ويدون معرفة الرب وبدون السير مع الرب في هذا العالم حقاً إنه عالم الخسارة !!



لو سألنا أقرباءنا... أصدقاءنا... أهلنا الراحلين لأجابونا محذرين ((احترسوا من ضياع أعماركم في خدمة هذا العالم وهذه الأمجاد الكاذبة الخادعة لأننا لم نأخذ شيئاً منها بل خسرنا كل تعبنا لأجلها!

قال أحد الأفاضل: إننا لا نقدر أن نعتبر هذه الأشياء ملكاً خاصاً لأننا لا نقدر على أخذها معنا إلى العالم الآخر. لأن من وجد حياته يضيعها ومن أضاع حياته يجدها (متى 10 : 39).

لأن من له سيعطي وأما من ليس له فالذي عنده سيؤخذ منه (مر 4 : 25)، من له ((الابن، الإيمان ، الاتكال على الرب ،......)).

لا نقدر أن نأخذ معنا إلى العالم الآخر شيئاً ولا أن يبقى في اسمنا في هذا العالم ما الذي بقي من قدرة الاسكندر الكبير وغنى أوناسيس وجمال كليوباترا " لقد انذهل الناس منهم في حياتهم وتحدثوا عنهم يوم مماتهم، بينما هم تعساء أشقياء، قال القديس أوغسطينوس أنهم يمدحون حيث لا يوجدون ويعذبون حيث يوجدون.



إن كثيرين من الناس يشتهون لو ذاع صيتهم واشتهر أسمهم بين الملىء ولكن مهما طار صيت الإنسان إلى أقاصي الأرض فبعد قليل يموت ويسير أمراً منسياً فمن الغباوة أن نخسر الأبدية لأجل الأشياء الدنيوية... ما أشبهنا بعيسو الذي باع الباكورية ((وخسر كل بركاتها )) بأكله عدس فلا تشته العظمة العالمية ولا تبتغي اللذة الأرضية فإنه سيأتي وقت يتساوى فيه العظماء والأدنياء والأغنياء والفقراء (مز 49 : 2).





هل الغني في هذا العالم يتنعم أكثر من غيره ؟

هل عند حلول المرض تخفف الأموال من الأوجاع المريرة ؟

هل يزيل الذهب مرارة القلب ؟

هل تشترى السعادة بالذهب أو الفضة ؟

هل الثروة والمجد يطردان الآلام ؟

هل تنكسر اللعنات بالأموال ؟

عند الاحتضار وانطفاء نور العين ماذا ينفع الغرور أو اللذات؟ أين تكون المشتهيات والتنعمات؟

هوذا الحكيم يقول من يتكل على غناه يسقط (أمثال 11 : 28).

لا ينفع الغنى يوم السخط (أمثال 11 : 4).





قد يوسع الإنسان داره ويمتلك مئات الدونمات ولكن بعد موته لا يملك سوى قطعة أرض صغيرة تجمع عظامه البالية قد نحب علو البناء بينما الموت يحفر لنا للأسفل وقد يلذذ جسمه ولكنه في الحقيقة يعده وليمة للدود، فلا جمال يدوم ولا قوة تبقى ولا سعادة إلا وتنتهي فماذا يقول الكتاب " للقبر أنت أبي وللدود أنت أمي وأختي " (أيوب 17 : 14).



فاعتبر يا أيها العزيز بأنه لا يرافقك درهم واحد من أموالك ولا واحد من عبيدك ولا ثوب واحد من ملابسك لتتمتع بها في الأبدية إنما يرافقك فقط شيء واحد هو إيمانك بإلهك وثمر إيمانك عملك الصالح وإلهك الأمين الذي قال لا أتركك ولا أهملك يسير معك في ظل الموت أيضاً إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف لأنك معي (مزمور 23 : 4).



يا ربي يسوع أتبعك من كل قلبي لأنك أنت كل شيء لي أنت الصديق الألزق من الأخ (أمثال 18 : 24).